بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ,
أما بعد :
فقد درج بعض الناس في خطبه ومواعظه على وصف النبي صلى الله عليه وسلم بـ ( سيد الكائنات ) , وهو وصف محدث مبتدع , لم يرد في النصوص الشرعية , ولم يثبت عن أحد من السلف , علاوةً على ما فيه من الغلو والإطراء المذموم , الذي حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم منه ونهى عنه . ولم أر هذا الاستعمال إلا عند الصوفية وأمثالهم من أهل البدع , والله المستعان .
وكان صاحب كتاب ( صفوة التفاسير ) محمد على الصابوني قد استعمل هذا الوصف الصوفي في حق نبينا صلى الله عليه وسلم , فردَّ عليه الشيخ العلامة صالح الفوزان بقوله : وصْفُه ( أي الصابوني ) الرسولَ صلى الله عليه وسلم بأنه سيد الكائنات, وصف فيه غلو وإطراء , وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل ذلك , فلو قال سيد البشر لكان ذلك صحيحاً مطابقاً له؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : " أنا سيد ولد آدم ولا فخر " . أما سيادته على الكائنات فهذا لا دليل عليه . اهـ ( تعقيبات وملاحظات على كتاب صفوة التفاسير ص 43 )
ثم إن الصابوني لم يستفد من هذه الملاحظة والنصيحة فبقي يصف النبي صلى الله عليه وسلم بـ سيد الكائنات . فقال الشيخ صالح في مقدمة الكتاب في طبعته الثالثة : لم يرقه ( أي الصابوني ) التعبير بما عبَّر به الرسول عن نفسه, بقوله : " أنا سيد ولد آدم " بل أصرَّ على قوله : سيد الكائنات . وأقول : هو له أن يقول ما شاء . أما نحن فنكتفي ونرضى بما رضيه الرسول لنفسه . اهـ
قلت : نعم الرضى والاكتفاء هو , فيه الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم , والوقوف عند سنته وهديه ؛ فإن المحبة الصادقة للنبي صلى الله عليه وسلم تكون في اتباعه والتمسك بهديه , وليست بالمغالاة في شخصه و وصفه , وهذا هو الفارق بين السلف المتبعين والخلف المبتدعين , فالسلف : أصحاب اتباع وتمسك بالهدي النبوي وغَيرة على السنة النبوية ودعوة إليها, مع ترك المغالاة والإطراء في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم . أما الخلف : فأصحاب بدع ومخالفات ومنكرات, مع الغلو والإطراء للنبي صلى الله عليه وسلم . فأي الفريقين أحب وأسعد برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
اللهم ثبتنا على محبته وسنته , واحشرنا في زمرته يا رب العالمين !
وكتبه / عبدالحميد بن خليوي الجهني ينبع / ليلة الثلاثاء 18 صفر 1431 هـ