نحن كشباب نتعلّم من أخطائنا أكثر مما نتعلّم من صوابنا، تلك حقيقة شواهدها كثيرة.. ارجع إلى تجربتك الذاتية لترى صدقها وانطباقها على كم الأخطاء التي تعلّمت منها.
السبب في ذلك، إنّ التعلّم من الخطأ عمل مزدوج: الخطأ نفسه، وعملية تصحيحه، مما يبقى أثره عميقاً في النفس. وبمعنى آخر، فإنّ الخطأ يتيح لك المقارنة بين ما هو صحيح وما هو غير صحيح.
استفد من أخطائك فهي معلّم جيِّد، وما عملية التعليم بصورة عامّة إلّا عملية تجريب بين الخطأ والصواب، ولولا جهلنا وأخطاؤنا لما احتجنا إلى الذهاب إلى المدارس والجامعات والمعاهد.. إنّنا نذهب إلى هناك لنتعلّم كيف نتجاوز الأخطاء ونتدارك الجهل.
هذا معلّم، وهناك معلّم آخر، وهو أخطاء الآخرين، فقد لا ترى خطأك حتى تتعلّم منه، لكن خطأ الآخرين شاخص للعيان وهو يعلّمك أمرين مهمين: بغض ونفور الناس من الخطأ، والعمل بالشيء الصحيح حتى لا تكون مثل الخاطئين.
أمّا عملية النقد والتسديد فهي معلّم نافع في معرفة العيوب والأخطاء والنواقص، فحينما ينتقد صديق مخلص بعض تصرُّفاتك أو كلماتك، فإنّه يلفت نظرك إلى ما يجب أن يكون. فلو قال لك مثلاً هذا العمل الذي تقوم به يسيء إلى سمعتك وسمعة عائلتك فامتنع عنه. أو قال لك: إنّ الكلمة التي صدرت منك بحقّ أخيك كانت جارحة أو بذيئة، فإنّه يعلّمك أن تستخدم الكلمة الطيِّبة، وأن تقول التي هي أحسن، حتى لا تخلق من صديقك عدوّاً.
وهكذا، فإنّ النقد قد يسبب لك بعض الضيق والحرج، لكنّه يهديك إلى الصواب أو الحالة الأفضل. ولذا قيل: "رحم الله مَنْ أهدى إليَّ عيوبي". تشجيعاً للإفادة من هذا المعلم المرشد إلى طريق الصلاح.
إنّ الناقد يقول لك: كلُّ ما فيك حسن ما عدا خصلة أو خصلتين، وهو إذ يذكر لك عيوبك فإنّما يقول لك إنّ ما عدا ذلك هو إيجابي وحسن!