كيف تؤدب ابنك في خمس خطوات؟
كيف تتحدث إلى الصغار ويصغون إليك؟ وكيف تصغي إليهم عندما يتحدثون؟
كيف تجعل ابنك مبدعاً؟
كيف..وكيف...وكيف؟
تمتلئ أرفف المكتبات بالكتب التربوية المترجمة..وفي كل يوم يظهر لنا كتاب جديد يتحدث عن وسائل عملية فعّالة في مجال التربية والتعامل مع الآخرين..
يلتهمها أبو عبد الله بنهم شديد..وتتكدس الكتب في سلة شرائه..فهذا الصنف من الكتب يعجبه، ويعدّه من المراجع الأساسية في تعامله مع أبنائه..
وعلى الطرف الآخر يقف أبو فهد بعيداً عن تلك الكتب..فمؤلفوها كفار ملحدون لهم مبادئهم التي تختلف عن مبادئنا..ولهم قيمهم التي تختلف عن قيمنا..ولهم طريق..ولنا طريق..
ربما يكون أبو فهد محقاً في رؤيته لهذه الكتب من هذه الزاوية..
ولكننا لا نستطيع أن نتهم أبا عبد الله بأنه اتبعهم ودخل جحر الضبّ..فلقد تفوّق الغرب بجدارة في مناقشته لمشكلات التربية ووضع الحلول العملية لها.. وتأليف الكتب النافعة التي نفعت الآخرين..
بين هذا وذاك..نتساءل:كيف نتعامل مع الكتب التربوية المترجمة؟ هل نتجاهلها لما فيها من الإلحاد والتحرر..أم نقرؤها لما فيها من المنفعة التي تفيدنا في تربية أبنائنا والتعامل مع الآخرين؟
لا للتطرف..ولا للولع بها:
يرى أحد المربين أن:
الكتب المترجمة أحد مصادر المعرفة، والتعامل معها محكوم بالمنهجية التي تحكم التعامل مع مصادر المعرفة عموماً، ومما يتأكد مراعاته في ذلك ما يلي:
* القضايا التي تكون المعرفة البشرية هي مصدرها -وهي ما لا يتصل بأحكام الشرع أو الأخبار الغيبية -يمكن تلقيها من هذه المصادر كغيرها بشرطين:
الشرط الأول: ألاّ تتعارض مع الشرع.
الشرط الثاني: صحة محتوى المعرفة من خلال الأدوات الخاصة بكل مجال من هذه المجالات.
* ينبغي أن يُراعى حين التعامل مع الكتب المترجمة أن مجالات الاختلاف مع من نقرأ لهم ليست محدودة بحدود النص القريب الذي نتعامل معه، بل ثمة اختلافات تتصل بالأصول والفلسفة، مما يتطلب الوعي وامتلاك الرؤية الأوسع دون الاكتفاء بالوقوف عند الألفاظ، فعلى سبيل المثال حين يتحدث أحد الغربيين عن شروط النجاح فلا ينبغي أن يقتصر تقويمنا على هذه الشروط مجردة بل لابد من الوعي بأن هؤلاء لا ينظرون إلاّ إلى الحياة الدنيا، بينما الحياة الأخروية لا تشكل شيئاً لديهم كما قال عز وجل عنهم
يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) [الروم:7].
* لابد من الاعتدال في التعامل مع هذه المصادر؛ فهناك من يولع بكل ما فيها دون تقويم، وهناك من يتطرف في الرفض لمجرد كون ما يرفضه صادراً من هؤلاء.
المسلّمات والأساليب:
ويفصل في ذلك أحد المشائخ: "في الكتب التربوية وفي أخذنا عن الغرب يتضح لنا أن هذه الكتب قائمة على أمرين مهمين وهما قوام الحضارة الغربية:
المسلمات والأساليب..
والمسلمات التي يؤمن بها الغرب هي: النفعية والإلحاد الذي يتضمن عدم إيمانهم بالأمور الغيبية كاليوم الآخر والجنة والنار..
ولذا فإن مؤلفاتهم بشكل عام تعتمد على هذه الأمور..غير أننا كمسلمين نؤمن بالله..وعلاقاتنا قائمة على التعاون والرحمة والتكافل، وليس النفعية وحسب.. بالإضافة إلى إيماننا باليوم الآخر وأننا محاسبون على كل صغيرة وكبيرة نعملها..
وعند قراءة هذه الكتب علينا أن نكون معتدلين.. فنأخذ ما وافق مسلماتنا وفلسفتنا الإسلامية؛ فالحكمة ضالة المؤمن سواء وجدها عند مسلم أو كافر.. وأما إن كان ما هو موجود فيها مخالفاً لمسلماتنا فنرفضه تماماً.. وفي الغالب فإن هذه الكتب التربوية تحتوي على الكثير من الأمور الموافقة لشريعتنا الإسلامية".
لا للانبهار:
وتضيف إحدى المربيات: "أصبح العلم الآن مطروحاً بصور بشتى يسهل معها لمريد العلم أن يتعلم أينما كان ووقت ما يشاء، ولم يصبح العلم مقتصراً على جهة معينة، وإنما تجده في الشريط، وفي الكتاب، وفي القنوات التعليمية الهادفة، وفي الإنترنت، و كذلك في الإذاعة، وأمام هذا الانفتاح والتعدد يتعين على من طلب العلم أن يكون حريصاً على تمحيص ما يتلقى بحيث لا يقبل كل ما يقرأ أو يسمع، وإنما يعرضه على الدين والعقل والخلق والفطرة السليمة، وهذا الأمر ينطبق على الكتب المنتشرة اليوم بشكل واسع في المكتبات والتي لا يكاد القارئ يحيط بأولها حتى يصدر تاليها، و هي من الكثرة والتنوّع ما يجعل القارئ أمامها في حيرة ما يأخذ منها وما يدع، ومعروف أن الحكمة ضالّة المؤمن أينما وجدها أخذها، ولا يمنع ذلك نوع المصدر، ولكن الأهم الوقوف على حقيقة العلم، ولذا فدورنا أمام هذه الكتب التربوية وخاصة المترجم منها أن نتعامل معها بحرص ووعي فلا نأخذها على علاتها وإنما نستفيد منها .
وإذا نظرنا إلى الكتب التربوية نجدها على شقين:
- كتب تعتمد على عرض النظريات والمشكلات وكلها بطريقة نظرية لا يفهمها إلاّ ذوو الاختصاص، وهذه تشكل صعوبة كبيرة للفهم بالنسبة للعامة، وتكون الفائدة منها للمتخصصين.
- والنوع الآخر كتب عملية تعرض المواضيع في صيغة مواقف تيسر على القارئ فهمها وإدراك محتواها إذا كان عادياً، وتقدم للمتخصص سبلاً متنوعة لمعالجة المشكلة أو فهم الموقف، ولكن على القارئ عند قراءة هذه الكتب مراعاة أمور عديدة أهمها:
- الدين (فقد يقدم مؤلف الكتاب حلولاً لبعض المشكلات مخالفة للدين، وهنا ينبغي لمن يقرأ هذه الكتب أن يستعين بها بما يتفق مع الدين. ويترك ما يخالفه.
- مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم التربوية في علاقاته بالآخرين.
- المعايير الاجتماعية الخاصة بحياتنا في المجتمع السعودي.
- ألاّ تكون من الكتب السطحية في معناها ومغزاها والتي لا يخرج من يقرؤها بنتيجة.
وعلى هذا لا ينبغي الانبهار بالكتب المترجمة بدعوى أنها تحمل بين طياتها كل ما هو حديث وتربوي، بل لدينا في أحاديث الرسول الله -صلى الله علية وسلم- ما يغنينا ويكفينا في الجانب التربوي والنفسي، ولكن لا يمنع هذا الاستفادة من الكتب التربوية الغربية من حيث الأساليب والوسائل والطرق التي تُستخدم في المواقف والمشكلات و المعطيات المعاصرة؛ فديننا دين العلم والحث على طلبه وأول ما بدأ به الوحي (اقرأ).
القرآن الكريم والسنة النبوية هما مرجعنا الأول:
وتختتم مربية وتبدي رأيها قائلة: أول ما نحتاجه كمسلمين هو فهمنا للقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والتي فيها علاج لمشكلاتنا، وعند اعتمادنا على ما ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة فإن الاطلاع على هذه الكتب يكون من باب الثقافة، أما أن تكون هي المرجع لنا فهذا مما لا يليق بمسلم.
وفي الأساس المرجع هو القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والكتب الإسلامية فهذه أصول نستقي منها، وقد نجد في بعض الكتب المترجمة طرقاً عملية للتنفيذ لا تتعارض مع ما ورد في ديننا، فهذه لا بأس من الاستفادة منها.