هواجس امرأة في العقد الرابع
ثمّة نساء تجاوزن الثلاثين وربّما الأربعين بلا زواج، ليس بسبب عدم مجيء فارس الأحلام، وإنّما لعدم الاستعداد لدخول "القفص".
مرّ بها الزمان كالقطار السريع. عاشت سني الحياة لحظة بلحظة، ولم تلوِ على شيء لأن نظرتها كانت دائماً على الحاضر الشاب، فلا هي فكِّرت في الغابر من الأيام، ولا استوقفها المستقبل. حظيت بنصيب وافر من النجاح؛ فقد أكملت دراسة الماجستير، وحصلت على ترقية في العمل، حتى باتت محسودةً بين أقرانها من الرجال الذين تحول بعضهم من زملاء إلى مرؤوسين يعملون تحت إمرتها. وعندما شاغلها نداء خفي بأن تبحث عن عواطفها وتفتش عما بقي لها من فرص الأمومة؛ تأمُّلت مرآتها، ونظرت إلى بطاقة هويتها، واستوقفها كثيراً عمرها الذي تجاوز الرابعة والثلاثين.
كم من الفرص بقيت في الحياة لكي تحقق تلك الأحلام العائدة بعد طول اختفاء؟ وأي نوع من الفرص ذلك الذي يتاح لإمرأة ثلاثينية كثيراً ما "طنّشت" نداءاتها الأنثوية، وهاهي في الرابعة والثلاثين تستعجل اللحاق بما فات؟
تلك المساحة المعتمة في حياة العديد من النساء اللاهثات وراء النجاح المادي من دون أن يفكِّرن في مستقبلهنّ العائلي؛ تلك المساحة المنسية من التفكير في وقت أصبحت القيم فيه مرتبطة بالمادة فحسب.
في زماننا لم تعد كلمة "عانس" تصلح لوصف الحال؛ فقد قيلت هذه الكلمة في وصف نساء أصغر بكثير من سنّ الثلاثين، يوم كانت المرأة تبدأ مشوار الإنتظار والبحث في مطلع العشرينيات، وربّما قبل ذلك. ففي عالم اليوم ثمّة شريحة واسعة من النساء بلغن الثلاثين وربّما الأربعين بلا زواج لعدم الاستعداد لإستقباله قبل أن تفرغ المرأة من تحقيق شروطها الخاصة ووعودها الخاصة. بعضهنّ ينشدن منصباً رفيعاً، وأخريات يسعين إلى النهل من العلم والشهادات العليا، وفريق منهنّ يفكِّرن في المليون الأوّل أكثر بكثير من استعدادهنّ لإستقبال الحب الأوّل.