من أكثر ما يثير الاستغراب و الاستهجان , تلك القراءة العوراء التي يمارسها التيار الليبرالي تجاه القرارات و الأوامر الملكية , ففي كل مرة يصدر قراراً ملكياً نجد له من التفسيرات و التأويلات الليبرالية ما يحيل ذلك القرار عن معناه , و لا عجب ممن قاموا بتحريف الأحاديث الصحيحة , و اعتبروا بعضها متوحشا !
من آخر تلك الممارسات , كان ما صدّرت به صحيفة الوطن صفحتها الأولى , بتاريخ 4 رمضان , حيث أورد مراسلها على العطيشان خبراً عن أحد الخطباء , مفاده أن ذلك الخطيب هاجم خطيب ما تعرضه القنوات الفضائية خلال هذا الشهر الكريم من مسلسلات وأفلام وصفها بالهابطة, و ضرب مثالا لمسلسلات بعينها مثل طاش ما طاش محذرا من مشاهدته أو متابعته، معتبرا أن ذلك طاعة لله ورسوله، و اختتم المحرر ذلك الخبر بالقول : ( وجاءت هذه الآراء الدينية من منبر الجمعة في أعقاب الأمر الملكي بعدم إطلاق الفتاوى إلا من خلال هيئة كبار العلماء. وفيما كان المسلسل الشهير طاش ما طاش يعالج التطرف الديني.) !!!!
و لك أخي القارئ أن تجيب على هذه الأسئلة لتعرف مدى التحريف المستهجن الذي تمارسه هذه الصحيفة و غيرها, و من هذه الأسئلة:
1. فأي تطرف ديني عالجه المسلسل ؟ , و هل هو الذي حمل ممثلوه على أن يظهرون الديانة النصرانية على أنها خيار صحيح موازي للإسلام؟ , بل تعدى ذلك إلى القيام بالدعاية لها , عبر حلقة ( خالي بطرس ) , أم أن تلك المعالجة التي يقصدها محرر الصحيفة , هي دعوتهم إلى تعدد أزواج المرأة, كما في حلقة ( تعدد الأزواج ) ؟
2. من الذي خالف الأمر الملكي , المسلسل أم الخطيب ؟
إذا نظرنا إلى الواقع نجد أن ذلك المسلسل تجاوز مرحلة الإفتاء إلى الترويج لقيم تخالف المعلوم من الدين بالضرورة , بينما ذلك الخطيب لم يفعل أكثر من نقل فتوى من أمر خادم الحرمين بقصر الفتاوى عليهم ( هيئة كبار العلماء ) , حيث جاء في بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بشأن تحريم المسلسلات المخالفة للشرع المطهر ومنها مسلسل ( طاش ما طاش (بتاريخ 7/9/1421هـ , و بعد أن سرد جملة من مخالفات ذلك المسلسل , ما يلي :
( ثانياً : تحرم مشاهدة هذه المسلسلات والجلوس عندها لما فيها من المنكرات وتعدي حدود الله ، قال الله تعالى في وصف عباده المتقين : ( والذين لا يشهدون الزور ) أي : لا يحظرون القول والفعل المحرم وأعياد الكفار ، وقال سبحانه : ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ) قال أهل العلم : المراد بالخوض في آيات الله : التكلم بما يخالف الحق : من تحسين المقالة الباطلة ، والدعوة إليها ، ومدح أهلها ، والإعراض عن الحق ، والقدح فيه وفي أهله . وفي الآية دليل على أن مجالسة أهل المنكر لا تحل . وقال الله جل وعلا : ( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم ) قال أهل العلم : ويدخل في عموم الآية حضور مجالس المعاصي والفسوق التي يستهان فيها بأوامر الله ونواهيه .)
http://www.saaid.net/fatwa/f09.htmفكيف إذا تستجيز تلك الصحيفة ارتكاب مثل هذا الهذيان الفاضح؟
هل كانت تظن أن ذلك الأمر الكريم جاء لحماية مثل هذه المسلسلات التي أصبحت تثبت للجميع أنه يقف ورائها أناس يستهدفون ديننا , الذي قال عنه خادم الحرمين (فمصلحة الدين والوطن فوق كل اعتبار ، و شأن يتعلق بديننا ، ووطننا ، وأمننا ، وسمعة علمائنا ، ومؤسساتنا الشرعية ، التي هي معقد اعتزازنا واغتباطنا ، لن نتهاون فيه ، أو نتقاعس عنه ، ديناً ندين الله به ، ومسؤولية نضطلع بها ـ إن شاء الله ـ على الوجه الذي يرضيه عنا )؟
و أخيراً , فما أوردته من مثال , ليس إلا واحدا من مئات الأمثلة على تجاوز التيار الليبرالي , لقرارات رسمية كثيرة , ليس آخرها الأمر الملكي بعدم إظهار الصور النسائية , و مسارعتها في فتح الباب لكل متطاول على الشريعة و حملتها , بل وصل الأمر إلى أن تقوم كاتبة , مهنتها توليد النساء بالرد على المفتي العام , ناهيك عن غيرها من الطوام , و التي نتمنى أن تختفي بعد ذلك التوجيه الملكي الكريم , و الذي وضع الأمانة كاملة على كاهل وزارة الثقافة .
فهل سنراها تحاسب اولئك الكتبة المتجاوزون , أم ستسمح لهم بتحريف مضامين ذلك البيان , كما سمحت لهم من قبل بتحريف النصوص النبوية؟
