sport m.n.w معبر متألق
عدد المساهمات : 275 نقاط : 603 تاريخ التسجيل : 25/06/2010 الموقع : k.s.a
| موضوع: العلمانيون بين النصوص و المقاصد الخبيثة.. السبت يوليو 10, 2010 1:18 pm | |
| من يفحص و يرصد الواقع العلماني و خاصة منهم الذين يحاولون التقريب بين أفكارهم المستوردة و بين الشريعة الإسلامية , يجدهم يكثرون من التشويه و التلفيق في كتاباتهم و أطروحاتهم الفكرية التي تحاول تفكيك المفاهيم و القيم الإسلامية في بنية النسيج الاجتماعي الإسلامي , و استبدالها بنسخٍ ملفقةٍ من الاتجاهين الإسلامي و العلماني , أملاً منهم في صُنع نماذج معرفية علمانية تساعدهم على تحقيق طموحاتهم و أمنياتهم , فبعد أن يتم ترشيد السلوك و الوجدان الإنساني عبر زخمٍ تغريبي علماني متعدد القنوات , يحكم الناس من خلال ذلك الترشيد العلماني على المفاهيم و الأنظمة الوافدة بأنها من مفردات الحقل المقاصدي الإسلامي عندهم . بهذا الأسلوب نجد العلمانيين يتعاملون مع مقاصد و كليات التشريع الإسلامي , بحيث يجردون المقاصد و الكليات من جزئياتها و أنظمتها الشرعية , فيفرغون المقصد الكلي من نظامه و جزئياته , فيكون التوجه و الطلب إلى المقصد الكلي المجرد دون التوجه و الطلب إلى الجزئيات , ثم يجعلون ذلك المقصد الشرعي في نظام ٍ غير نظامه الأصلي , لكي يضفوا على النظام العلماني المستورد ثوباً إسلامياً خالياً من الاعتراضات , فلنضرب مثالاً توضيحياً لذلك , نجد أن من مقاصد التشريع في النظام السياسي الإسلامي ( الحرية ) كما ذكر ذلك ابن عاشور في مقاصده , حينئذ يتعامل العلمانيون مع هذا المقصد الكلي ( الحرية ) بطريقة تخرجه من نظامه السياسي الإسلامي ليجعلونه في نظامٍ ديمقراطي لا يمس للإسلام بأي صلة , فيدّعون بعد ذلك أن الديمقراطية وسيلة إسلامية تحقق المقصد الكلي للشريعة , وهكذا يتم تشويه المقصد الكلي , وتُستبعد النصوص الجزئية الموصلة إليه . و لنفهم العلاقة المتبادلة بين النص الجزئي و المقصد الكلي , ينبغي أن نطرح سؤالاً , و هو إذا خرج المقصد الكلي من نظامه و جزئياته الشرعية إلى أنظمة و جزئيات أخرى , فهل يُطبق ذلك المقصد على أرض الواقع تطبيقاً صحيحاً أم لا ؟ إن الإنسان العاقل يستطيع أن يدرك الكليات و المقاصد التي تُسعده و تعينه في حياته الدنيا , من مثل العدل و المساواة و الحرية وغيرها , لكنه لا يستطيع وضع تلك المقاصد و الكليات في أنظمة و جزئيات تحققها بطريقة صحيحة خالية من الأخطاء و التجاوزات البشرية المعتادة , ثم إن الكليات لا تعمل في الفراغ فهي كامنة في الأذهان وليس في الواقع الخارجي , وإنما تعمل من خلال أنظمة و جزئيات تجعل ذلك المقصد الكلي ممكناً و واقعياً , وإذا كان الإنسان لا يستطيع أن يجعل الكليات في أنظمة خالية من التجاوزات البشرية المعتادة , أنزل الله له الدين الإسلامي مكتمل البنيان , شاملاً للجزئيات الموصلة للمقاصد و الكليات . وفي هذا السياق يقول الإمام الشاطبي ؟ رحمه الله ؟ ( . . . أن الجزئيات لو لم تكن معتبرة مقصودة في إقامة الكلي ؛ لم يصح الأمر بالكلي من أصله , لأن الكلي من حيث هو كلي لا يصح القصد في التكليف إليه , لأنه راجع لأمر معقول لا يحصل في الخارج إلا في ضمن الجزئيات , فتوجه القصد إليه من حيث التكليف به توجه إلى تكليف ما لا يطاق , فالقصد الشرعي متوجه إلى الجزئيات . . . فانحتم القصد إلى الجميع , وهو المطلوب ) "1" والعلمانيون أثناء طرحهم لأفكارهم يستندون للإمام الشاطبي - رحمه الله - جهلاً منهم بنصوصه , و تدليساً عليه , و ذلك بسبب اهتمامه رحمه الله بالمقاصد الشرعية أكثر من غيره من العلماء , ثم يهجمون على الإمام الشافعي- رحمه الله - لإهتمامه بطرق الاستدلال من النصوص الجزئية التي تقيد و تضبط استدلالاتهم المنحرفة فلا يستطيعون الخروج عنها . وهكذا نعلم أن النص الجزئي و المقصد الكلي معتبران و مقصودان في التشريع الإسلامي , فالجزئي يعمل لإقامة الكلي , والكلي يعمل من خلال الجزئي , وكذلك هي الشريعة الإسلامية نهجٌ متكامل , و منهجٌ مترابط , و نظامٌ شامل , يهتدي به الناس في دروب حياتهم الحالكة و المتعبة فينير الله لهم السُبل و الطرق .
"1" الموافقات ج 2 ص 96-97 . | |
|